سورة طه - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (طه)


        


{اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآَيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (42) اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44)}
الونى. الفتور والتقصير. وقرئ {تنيا} بكسر حرف المضارعة للإتباع، أي: لا تنسياني ولا أزال منكما على ذكر حيثما تقلبتما، واتخذا ذكري جناحاً تصيران به مستمدين بذلك العون والتأييد مني، معتقدين أن أَمراً من الأمور لا يتمشى لأحد إلا بذكري. ويجوز أن يريد بالذكر تبليغ الرسالة، فإن الذكر يقع على سائر العبادات، وتبليغ الرسالة من أجلِّها وأعظمها، فكان جديراً بأن يطلق عليه اسم الذكر. روي: أن الله تعالى أوحى إلى هارون وهو بمصر أن يتلقى موسى. وقيل: سمع بمقبله. وقيل: ألهم ذلك. قرئ {لينا} بالتخفيف والقول اللين. نحو قوله تعالى: {هَل لَّكَ إلى أَن تزكى وَأَهْدِيَكَ إلى رَبّكَ فتخشى} [النازعات: 18] لأنّ ظاهره الاستفهام والمشورة، وعرض ما فيه من الفوز العظيم. وقيل: عداه شباباً لا يهرم بعده، وملكاً لا ينزع منه إلا بالموت، وأن تبقى له لذة المطعم والمشرب والمنكح إلى حين موته. وقيل: لا تجبهاه بما يكره، وألطفاً له في القول، لما له من حق تربية موسى عليه الصلاة والسلام، ولما ثبت له من مثل حق الأبّوة. وقيل: كنياه وهو من ذوي الكنى الثلاث: أبو العباس، وأبو الوليد، وأبو مرّة والترجي لهما، أي: اذهبا على رجائكما وطمعكما، وباشرا الأمر مباشرة من يرجو ويطمع أن يثمر عمله ولا يخيب سعيه. فهو يجتهد بطوقه، ويحتشد بأقصى وسعه. وجدوى إرسالهما إليه مع العلم بأن لن يؤمن إلزام الحجة وقطع المعذرة {وَلَوْ أَنَّآ أهلكناهم بِعَذَابٍ مِّن قَبْلِهِ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوْلآ أَرْسَلْتَ إِلَيْنَا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ ءاياتك} [طه: 134] أي: يتذكر ويتأمّل فيبذل النصفة من نفسه والإذعان للحق {أَوْ يخشى} أن يكون الأمر كما تصفان، فيجرّه إنكاره إلى الهلكة.


{قَالَا رَبَّنَا إِنَّنَا نَخَافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنَا أَوْ أَنْ يَطْغَى (45)}
فرط: سبق وتقدّم. ومنه الفارط: الذي يتقدّم الواردة. وفرس فرط: يسبق الخيل، أي: نخاف أن يعجل علينا بالعقوبة ويبادرنا بها. وقرئ {يفرط} من أفرطه غيره إذا حمله على العجلة. خافا أن يحمله حامل على المعاجلة بالعقاب من شيطان، أو من جبروته واستكباره وادّعائه بالربوبية. أو من حبه الرياسة، أو من قومه القبط المتمرّدين الذين حكى عنهم ربّ العزّة {قَالَ الملا مِن قَوْمِهِ} [الأعراف: 60] {قَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ} [المؤمنون: 33] وقرئ {يفرط} من الإفراط في الأذية، أي: نخاف أن يحول بيننا وبين تبليغ الرسالة بالمعاجلة. أو يجاوز الحدّ في معاقبتنا إن لم يعاجل، بناء على ما عرفا وجرّبا من شرارته وعتوّه {أَوْ أَن يطغى} بالتخطي إلى أن يقول فيك ما لا ينبغي، لجرأته عليك وقسوة قلبه. وفي المجيء به هكذا على الإطلاق وعلى سبيل الرمز: باب من حسن الأدب وتحاش عن التفوّه بالعظيمة.


{قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (46) فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا تُعَذِّبْهُمْ قَدْ جِئْنَاكَ بِآَيَةٍ مِنْ رَبِّكَ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنِ اتَّبَعَ الْهُدَى (47) إِنَّا قَدْ أُوحِيَ إِلَيْنَا أَنَّ الْعَذَابَ عَلَى مَنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى (48)}
{مَعَكُمَا} أي حافظكما وناصركما {أَسْمَعُ وأرى} ما يجري بينكما وبينه من قول وفعل، فأفعل ما يوجبه حفظي ونصرتي لكما، فجائز أن يقدّر أقوالكم وأفعالكم، وجائز أن لا يقدّر شيء، وكأنه قيل: أنا حافظ لكما وناصر سامع مبصر. وإذا كان الحافظ والناصر كذلك، تمّ الحفظ وصحت النصرة، وذهبت المبالاة بالعدوّ. كانت بنو إسرائيل في ملكة فرعون والقبط، يعذبونهم بتكليف الأعمال الصعبة: من الحفر والبناء ونقل الحجارة، والسخرة في كل شيء، مع قتل الولدان، واستخدام النساء {قَدْ جئناك بِئَايَةٍ مّن رَّبِّكَ} جملة جارية من الجملة الأولى وهي {إِنَّا رَسُولاَ رَبِّكَ} مجرى البيان والتفسير، لأنّ دعوى الرسالة لاتثبت إلا ببينتها التي هي المجيء بالآية، إنما وحد قوله {بآية} ولم يثن ومعه آيتان: لأنّ المراد في هذا الموضع تثبيت الدعوى ببرهانها، فكأنه قال: قد جئناك بمعجزة وبرهان وحجة على ما ادعيناه من الرسالة، وكذلك {قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيّنَةٍ مّن رَّبّكُمْ} [الأعراف: 105]، {فأت بآية إن كنت من الصادقين} [الشعراء: 154]، {أَوْ لَوْ جِئْتُكَ بِشَيء مُّبِينٍ} [الشعراء: 30] {والسلام على من أتبع الهدى} يريد: وسلام الملائكة الذين هم خزنة الجنة على المهتدين، وتوبيخ خزنة النار والعذاب على المكذبين.

2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9